الأحد، 2 نوفمبر 2014

on Leave a Comment

مخاتلة (الهلال ومتطلبات المجتمع السعودي رياضياً)


جاسر الجاسر - آلاف السعوديين من محبي الهلال تدفقوا على معرضه واشتروا قمصانه بأكثر من ثلاثة ملايين ريال، لأجل النهائي. عشرات الآلاف تقاطروا على ملعب الملك فهد ووقفوا الساعات الطوال في انتظار المباراة، إلى درجة أن المعلب أغلق بواباته قبل أن يفتتحها رسمياً، بسبب الازدحام.

كل هؤلاء كانوا يتمنون الفوز، إلا أن مطلبهم الأساس هو القدرة على المساءلة وإخضاع الفريق الإداري للتحقيق للتأكد من التزامه وحسن أدائه، وأن يخضع لرؤية استثمارية دقيقة، فهو شركة قبل أي شيء آخر. ومهما كان حجم التبرعات فإنه لا يجعل منها سوى جمعيات خيرية مدارها الملعب، تخضع للفردية والمزاجية.

منذ أكثر من عقد والحديث عن تخصيص الأندية يجيء ويذهب، مرة كان سيبدأ العام الماضي، وأخرى يرحّل إلى 2022، على رغم أن مصدر دخل النادي ليس الهبات والأعطيات، وإنما مساهمات الجمهور وحرصه وحماسته. الأندية لا تحصل على عروض الرعاية بسبب وجاهة رؤسائها، وإنما لقيمتها السوقية والنزعة في استقطاب الجماهير للدخول في المنظومة التسويقية.

السعوديون لا متعة لهم سوى كرة القدم، فكل النوافذ سواها مغلقة، فهل يتوجب أن يكون دورهم التهليل فرحاً أو الانكفاء حزناً وخيبة؟

الخسارة أمر محتمل في كل حال، لكن المهم معرفة السبب والقدرة على تصحيحه، فالنادي صيغة استثمارية يجب أن يعرف مجلس إدارته أن خسائره تنعكس عليه سلباً وترهقه اقتصادياً، وإن فشل اشترى حصته من يبدل الحال.

عبدالله بن مساعد جاء إلى «الرئاسة» وقد خسر الدوري وليس لديه مجال للحركة، فكان الأمل - ولايزال - العمل على تخصيص الأندية ومنحها صفة المؤسساتية، فيكون دوره ضابطاً ومحفّزاً لمؤسسات تدار وفق معايير استثمارية توفر - بالضرورة - الجدية والتخطيط وتحيي مجالات مهملة حتى الآن.

الأندية الرياضية مع ظهور 17 نادياً جديداً ومع 11 ملعباً مناطقياً يجب أن تخلع عباءة الوجــــاهة، لتكون تعبيراً حقيقياً عن المجتمع، وحقاً طبيـــعياً للجمهور الذي يمنح النادي حضوره وقيمته ويقرر نموه أو فشله، ويجد من يعترف بقيمته ودوره.

جمهور الهلال الذي خرج مكلوماً لخسارة البطولة الآسيوية، لديه ملاحظات كثر على الأداء، لكن تساؤلاته محبوسة لا تتجاوز المجالس والاستراحات و«تويتر»، أما القرار فهو بعيد عنه ولا صلة له به. الجمهور الذي ضخ ثلاثة ملايين لأجل قمصان البطولة، هو صانع القرار المهمش والمبعد والمحروم. الشاب الذي أمضى ليله قرب الملعب كي لا يخسر مقعده، هو الصوت الفاعل وإن ضاعت صرخاته عبثاً لأنه لا أحد يستمع إليه، هو الوقود الحقيقي لأن عزوفه يجعل النادي خرابة لا تساوي التنافس عليه وتولّي مناصبه.

السعوديون متطلباتهم بسيطة إجمالاً، حتى إنهم يكفيهم الجلوس على رصيف تخنقه عوادم السيارات لأجل لحظة استرخاء وهمية يناقشون فيها هموم ناديهم من دون أن يكون لهم أي حق في إيصال صوتهم.

الشباب يبحثون عن متنفس طبيعي، فإن لم يجدوه تشتّتت سبلهم، والأندية هي بوابة الإصلاح والاستقطاب إن كانت مؤسساتية، فهل يكسر ابن مساعد حاجز الخوف ويصنع فريقاً يحمي مستقبل المجتمع ويفتح نوافذه للنور والهواء والمتعة، لأن الديموقراطية الحقة هي في الرياضة؟

0 التعليقات:

إرسال تعليق