مساعد العبدلي |
لا أعتقد أن موضوعاً رياضياً يطغى هذه الأيام كموضوع الاستغناء عن سامي الجابر من تدريب فريق الهلال الكروي.
ـ ما يقرب من 90 % من المنتمين للوسط الرياضي (إعلاميون وجماهير وحتى أعضاء شرف) مازالوا يتناولون الموضوع عبر الإعلام أو قنوات التواصل الاجتماعي من منطلق العاطفة (نحو الجابر) من جهة والانتماء وضدية الانتماء من جهة أخرى.
ـ بمعنى أن كثيرين تعاطوا مع إقالة الجابر بعاطفتهم (حباً للجابر أو خلاف ذلك) والكثيرون (مؤيدون أو معارضون) هلاليون وغير هلاليين أيضاً تحدثوا من خلال انتمائهم للهلال أو عكس ذلك.
ـ من يمثلون النسبة التي تتجاوز 90% (بكل أسف) تفرغوا للتعاطي مع قرار إبعاد الجابر إما بهجوم على إدارة الهلال من قبل الهلاليين الرافضين لإبعاده أو بتأييد القرار من قبل الهلاليين المؤيدين للاستغناء عنه أو من فئة ثالثة ليست بهلالية وتفرغت للشماتة.
ـ وأيضاً بكل أسف إن ما يقرب من 1% أو 2% من المنتمين للوسط الرياضي هم فقط الذين تعاملوا وتعاطوا مع القضية بعقلانية وتجرد كامل من العواطف.
ـ سامي الجابر درب الهلال وتم الاستغناء عنه وهذا أمر طبيعي يحدث في عالم التدريب في كرة القدم على مستوى العالم، الأهم هنا هو تقييم هذه التجربة من الجابر نفسه ومن المنتمين للوسط الرياضي بمختلف ميولهم.
ـ علينا أن نتجرد تماماً من حبنا أو عدم حبنا لسامي الجابر ونقيم تجربته بعيداً عن التعاطف معه أو ضده وذلك من أجل الجابر نفسه ومن أجل مستقبل المدرب السعودي بشكل عام.
ـ علينا أن نعيد تقييم التجربة من بدايتها ونسأل أسئلة عديدة ومن خلال الإجابات نستطيع أن نصل للدروس المستفادة من تجربة سامي الجابر.
ـ أول وأهم الأسئلة الذي أطرحه بل ومن المفترض أن يكون سامي الجابر هو أول من يطرحه يتمثل في هل كان الجابر جاهزاً بالفعل ويملك الأدوات (التدريبية) التي تؤهله لتدريب فريق جماهيري كبير كالهلال؟
ـ التأهيل التدريبي والأدوات التدريبية إلى جانب الفكر التدريبي المتميز تعد العوامل الرئيسة لبناء شخصية مدرب حقيقي، إذ إن كونك لاعباً ناجحاً ونجماً كبيراً يملك التاريخ الكبير ليس شرطاً لأن تكون مدرباً ناجحاً، وهنا لا أعني الجابر فقط إنما هي قاعدة عامة.
ـ سؤال آخر أطرحه أيضاً في مشوار تقييمي لتجربة الجابر ويتمثل في هل لدينا القدرة (أثناء تقييم الجابر كمدرب) على الفصل بين حبنا للجابر النجم ونظرتنا له كمدرب ؟ إذا نجحنا في ذلك نكون خير من يسانده في مهمته وإذا حدث عكس ذلك سنكون أول المساعدين له في نهايته كمدرب لأن عاطفة حبنا قد تدفعنا لنغمض أعيننا عن سلبياته التدريبية فيستمر عليها أو أن عدم حبنا له يدفعنا لمحاربته وتكسير مجاديفه فينتهي قبل أن يبدأ.
ـ سؤال آخر أطرحه ضمن نفس المشوار (تقييم تجربة الجابر) يتمثل في هل لدى سامي بالفعل المقدرة والرغبة في احتراف التدريب وهذا يعني قدرته على خلع (الانتماء) الهلالي بحيث يكون مؤهلاً نفسياً في حال الاستغناء لتدريب فريق آخر؟
ـ هل لدى الجماهير (وتحديداً) الهلالية القدرة على قبول الجابر (المدرب المحترف) وليس (النجم الهلالي)، بمعنى أنها تقبل أن تراه ذات يوم يدرب فريقاً غير الهلال؟
ـ ربما تكون هناك أسئلة أخرى لكنني أكتفي وأقف هنا قائلاً إننا لو طرحنا هذه الأسئلة (ومعنا سامي الجابر أيضاً) قبل بداية التجربة لأمكننا (ولو بشكل كبير وليس كامل) تحديد مقدرة بناء شخصية تدريبية سعودية بشكل عام وليس الجابر تحديداً.
ـ هل عرفتم الآن لماذا تقدم الأندية السعودية على التعاقد مع المدرب الأجنبي؟ لأنها باختصار تستطيع الاستغناء عنه بكل شجاعة دون خوف من عاطفة جماهيرية جارفة فيما لو كان المستغنى عنه أحد أبرز نجوم النادي مثلما هو حادث اليوم في قضية الاستغناء عن سامي الجابر.
ـ في النهاية أقول إن سامي الجابر من أذكى الشخصيات التي قابلتها….كان ذكياً داخل الملعب وفي تعامله مع الإعلام وفي كثير من جوانب حياته الرياضية، لكن ذكاءه خانه في التعامل مع شخصيته كمدرب فتسرع كثيراً ولاشك أنه (كعادته) يستفيد من كل درس في مشوار حياته.
0 التعليقات:
إرسال تعليق